قسم علم الاجتماع

تتناول هذه الأطروحة بالدراسة والتحليل النقدي شخصية المفكّر والمؤرخ الكوري يو دوك غونغ (1749–1807م)، أحد أبرز روّاد مدرسة بوكهاك (تعلّم الشمال) في أواخر عصر مملكة جوسون، من خلال عمله التاريخي الشهير "بالهاي غو." يُعدّ هذا الكتاب أول محاولة منهجية لإعادة كتابة تاريخ مملكة بالهاي (698–926م) التي أُهملت قرابة ثمانية قرون، وتأتي هذه الدراسة في سياق التحوّلات الفكرية الكبرى في شرق آسيا التي تميّزت بضعف الأرثوذكسية الكونفوشيوسية الجديدة وصعود منهج التحقيق العلمي (كاوزينغ) الذي ركّز على التمحيص النقدي للمصادر والتحقق التجريبي منها. وتنطلق الدراسة من فرضية مفادها أن يو دوك غونغ لم يكن مؤرخاً تقليدياً، بل مفكّراً إصلاحياً نقدياً سعى إلى تأسيس منهج عملي جديد في كتابة التاريخ الوطني. فقد رفض الجمود الكونفوشيوسي ودعا إلى التحرّر من القيود العقائدية، مؤكداً على أهمية المنفعة العملية للمعرفة بغضّ النظر عن مصدرها. كما عبّر عن وعي قومي مبكر من خلال تأكيده أنّ مملكة بالهاي ورثت جزءاً كبيراً من أراضي مملكة غوغوريو، في محاولةٍ لإحياء استمرارية الأمة الكورية التاريخية. اعتمد يو دوك غونغ في بحثه على مصادر صينية ويابانية وكورية وقارن بينها مقارنةً نقديةً دقيقةً، ما يعكس تأثّره العميق بمنهج كاوزينغ وسعيه إلى تحقيق استقلال الفكر الكوري عن المركزية الصينية. تتكوّن الأطروحة من المقدّمة وأربعة فصول والخاتمة: يتناول الفصل الأول التحوّل المعرفي في فترة الانتقال من مملكة مينغ إلى مملكة تشينغ في الصين. والفصل الثاني يتناول الخلفية الفكرية في أواخر عصر جوسون وتأثير منهج التحقيق العلمي؛ أما الفصل الثالث فيتطرّق إلى سيرة يو دوك غونغ وتعليمه وشبكاته الأكاديمية؛ فيما يحلل الفصل الرابع بنية كتاب بالهاي غو ومنهجه النقدي ودلالاته القومية. وتخلص الدراسة إلى أن يو دوك غونغ كان رائداً في تبنّي منهج نقدي في كتابة التاريخ سبق عصره، وأن جهوده أسهمت في تأسيس المنهج التاريخي الكوري الحديث القائم على التحقيق العلمي والوعي القومي في آنٍ واحد، كما يظلّ كتاب بالهاي غو محوراً مهماً في النقاشات الراهنة بين كوريا والصين حول هوية مملكة بالهاي التاريخية.

الكلمات المفتاحية : يو دوك غونغ، بالهاي غو، مدرسة بوكهاك، كاوزينغ (التحقيق العلمي)، التأريخ الكوري