رسالة الماجستير: الأمن الفِكرِي في العصر العبّاسي (132-447ه/749-1055م)
يتناول هذا البحث مفهوم الأمن الفكري في الدّولة العبّاسية، بوصفه أحد المكوّنات الجوهرية لاستقرار المجتمع الإسلامي فكريًا وعقديًا، رغم غياب المصطلح بمفهومه الحديث في تلك المرحلة. ركّزت الدّراسة على تحليل مظاهر التّهديد الفكري التي واجهتها الخلافة العبّاسية، وفي مُقدّمتها الزّندقة والشُّعوبيّة، باعتبارهما أبرز التيّارات التي زعزعت وحدة الفكر الإسلامي وهويته الحضارية.
انطلقت الدّراسة من فرضيّةٍ أساسيّة مفادها أن الأمن الفكري كان حاضرًا في سلوك العلماء وخطاب الدولة، من خلال جهودهم في مواجهة الانحرافات العقدية والفكريّة بأساليب متنوّعة، جمعت بين المنهج النّقلي القائم على النُّصوص الشّرعية، والمنهج العقلي الجدلي الذي استخدمه المُتكلّمون في تفنيد شُبهات المُخالفين.
اعتمد البحث المنهج التّاريخي الوصفي التّحليلي، مُستندًا إلى المصادر التُّراثية الأصِيلة كتواريخ الطّبري وابن الجوزي والذّهبي وغيرهم، إلى جانب مراجع حديثة دعمت المُقاربة النّقديّة. وتوزّعت فُصول الدّراسة على ثلاثة محاور رئيسيّة:
1. الفصل التّمهيدي: تعريف الأمن الفكري في الإسلام من حيث المفهوم والمصطلح، وجذوره في القرآن والسنة.
2. الفصل الأول: دراسة ظاهرتي الزّندقة والشُّعوبيّة في العصر العبّاسي وأثرهما على الأمن الفكري.
3. الفصل الثاني: دور السُّلطة العبّاسية والعلماء في مواجهة الانحرافات الفكرية.
4. الفصل الثالث: الأمن الفكري في العصر البويهي، وتحليل تفاعل العلماء مع التّحولات السياسية والمذهبية.
خلصت الدراسة إلى أن الأمن الفكري في العصر العبّاسي لم يكن مجرّد قضية فكرية، بل منظومة حضارية متكاملة شاركت فيها مؤسّسات الدولة والعلماء والمجتمع لحماية العقيدة من الانحراف، وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال المستند إلى الكتاب والسُّنة. كما أظهرت النتائج أن ضعف السُّلطة المركزية في أواخر الدّولة العبّاسية ساهم في اضطراب الأمن الفكري وظهور تيّارات مُنحرفة جديدة، مما أبرز أهمية تلاحم الفكر والسّياسة في حفظ استقرار الأمة.
الكلمات المفتاحية: الأمن الفكري، العباسيون، الأمويون، المعتزلة، الإسماعيلية، البويهيون.

