كلمة العميد الافتتاحية للسنة الأكاديمية 2025-2026

أهلاً بكم في العام الدراسي الجديد 2025-2026.
أولاً، أود أن أرحب بالزملاء الجدد الذين انضموا إلى الكلية مؤخراً. أهلاً بكم في عائلتكم الثانية.

فيكلمتي الافتتاحية  للعام الدراسي الماضي، ذكرتُ أن هناك تحديين رئيسيين يواجهاننا هما انخفاض العدد  السنوي للطلبة الجدد الذين يلتحقون بالكلية، واحتياجات السوق سريعة التطور بسبب التطور المزلزل لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.  يمكن إن نضيف الى ذلك السرعة العالية للتطورات الجارية  التي تجعل التغييرات الترقيعية والتدريجية غير فعالة أو عديمة الفائدة.
نحن بحاجة إلى إعادة التفكير جذرياً فيما نُدرّسه وكيفية تدريسه.

كلنا نعلم أن أطفالنا في المدارس الابتدائية يستخدمون منصات الذكاء الاصطناعي لإنجاز واجباتهم المدرسية، ويستخدم الباحثون خوارزميات الذكاء الاصطناعي لإنشاء نماذج، ومعالجة مجموعات بيانات ضخمة، ومحاكاة ظواهر معقدة بسرعة ودقة مذهلتين. 
لقد أصبحت لاآلة قادرة على أداء مهام كنا نعتبرها في السابق حكراً على البشر.
"ترى، ماذا نُدرّس  في هذا العصر الجديد،؟  سؤال مُلحّ ومعقد للغاية.

لا يحتاج الطالب اليوم إلى فهم المبادئ العلمية فقط ، ولكن أيضًا  كيفية العمل بشكل تآزري مع أنظمة الذكاء الاصطناعي. في مؤتمر ع حول تأثير الذكاء الاصطناعي على التعليم" ُقد مؤخرًا في بجامعة الشارقة، اختتم أحد المتحدثينعرضه بالقول: "يجب أن نتحول من تعليم الطلاب التنافس مع الآلات إلى تعليمهم التعاون معها". يردد  صدى هذا القول \ باحث آخر من كلية الطب بجامعة هارفارد حين  كتب في عام 2023: "في المستقبل، سيقضي العلماء وقتًا أقل في العمل المخبري الروتيني والمزيد من الوقت في توجيه نماذج الذكاء الاصطناعي نحو أسئلة البحث التي يهتمون بها". (وانغ، هـ، وآخرون. (2023). الاكتشاف العلمي في عصر الذكاء الاصطناعي. الطبيعة).

يجب على طلاب الفيزياء والأحياء والكيمياء فهم الحوسبة الكمومية وعلم الجينوم الحسابي والنمذجة الجزيئية واكتشاف الأدوية التي يقودها الذكاء الاصطناعي بقدر ما يحتاجون إلى تعلم كيفية استخدام التقنيات التقليدية لإجراء تجارب معملية حقيقية. كما يحتاج طلبة الرياضيات إلى معرفة خوارزميات التعلم الآلي وهندسة الشبكات العصبية.

ويجب عليهم جميعًا تطوير مهارات التفكير الحاسوبي، وتعلم كيفية التحليل النقدي، وتحديد المعلومات غير الدقيقة أو المتحيزة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، واستبعادها.
 وهكذا نرى الحدود بين التخصصات العلمية التقليدية تتلاشى أكثر من أي وقت مضى، ويجب أن يعكس منهجنا الدراسي هذه التحولات.
أما فيما يتعلق بمنهجيات التدريس، فإن النموذج التقليدي القائم على المحاضرات، حيث تتدفق المعرفة في اتجاه واحد من الأستاذ إلى الطالب، أصبح عديم الجدوى بشكل متزايد في عصر أصبحت فيه المعلومات متاحة آنيا ويمكن للذكاء الاصطناعي توفير دروس خصوصية.

يجب أن تتطور أساليب التقييم أيضًا. نحن بحاجة إلى تقييم قدرة الطلاب على تصميم التجارب، وتفسير النتائج التي يولدها الذكاء الاصطناعي، وحل المشكلات المعقدة ومتعددة التخصصات.
ويتطلب القطاع  الصناعي والمهني متخصصين يجمعون بين الخبرة العلمية التقليدية وقدرات الذكاء الاصطناعي. فشركات التكنولوجي مثلا في أمس الحاجة إلى علماء مواد يمكنهم التعاون مع الذكاء الاصطناعي  من أجل تصميم مركبات وأجهزة جديدة 
طورت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في دولة الإمارات العربية المتحدة  السنة الماضية إطار عمل للتقييم القائم على النتائج (OBEF) لتعزيز جودة التعليم العالي وأهميتهفي البلاد. يُحوّل هذا الإطار التركيز على قابلية توظيف الخريجين، وتأثير البحث، والمشاركة المجتمعية. يُعد هذا نقلة نوعية مهمة تشجعنا على تطوير شراكات أقوى مع القطاع الصناعي المحلي، مما يضمن بقاء مناهجنا الدراسية ملائمة وتزويد خريجينا بالمهارات التي يحتاجها السوق.
قد تحول "كلية العلوم" غدا إلى  "كلية العلوم الرقمية"، حيث يتغلغل التفكير الحاسوبي في جميع التخصصات. سيكون كل مختبر ذكيًا، مزودًا بأجهزة تعمل بالذكاء الاصطناعي، تُمكّن من تحسين التجارب والتنبؤ بالنتائج. سيتضمن كل مشروع بحثي مكونات حاسوبية، وسيكون كل خريج متمكنًا من لغات البرمجة، ويجيد التعامل مع مجموعات البيانات الضخمة.

أطلقت الجامعة استراتيجيتها  الجديدة هذا العام وحددت كليتنا سلسلة من المبادرات التي سيتم تنفيذها خلال السنوات المقبلة من أجل تحقيق هذا التحول بنجاح. و أعتقد  أن هناك  ثلاثة عوامل يجب أن تُعطى الأولوية القصوى لإنجاح الاستراتيجية::

  1. تطوير أعضاء هيئة التدريس واستقطاب الكفاءات: يجب أن نستثمر في برامج تطوير مهني شاملة لمساعدة أعضاء هيئة التدريس على دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في التدريس والبحث، واستقطاب أعضاء هيئة تدريس موهوبين لإعداد خريجينا بشكل أفضل لسوق يتطور بوتيرة متسارعة.
  2. الاستثمار في البنية التحتية: لم تعد مجموعات الحوسبة عالية الأداء، ومنصات تطوير الذكاء الاصطناعي، وتراخيص البرمجيات المتقدمة مجرد كماليات، بل أصبحت ضرورة. يجب تطويرها.
  3. التعاون متعدد التخصصات: يجب علينا كسر الحواجز التقليدية بين الأقسام، وتشجيع التعاون والبرامج متعددة التخصصات. مستقبل العلوم متعدد التخصصات، ويجب أن يعكس هيكلنا هذا الواقع.

مع بداية العام الدراسي الجديد، آمل أن يحتضن كل عضو هيئة تدريس في الكلية هذا التحول المهم بحماس، باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تدريسه وبحوثه، ومساعدة الطلبة على تطوير مهارات التفكير الحاسوبي، وتبني مناهج حاسوبية لحل المشكلات الواقعية والمعقدة.

كما أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر محاضرينا ومشرفي المختبرات على العمل الرائع الذي ينجزونه في المختبرات، و أن على يقين أنهم لن يدخروا جهدا من أجل دعم هذه المبادرات بإبداع وتفانٍ. 
وإني على ثقة كبيرة  بأننا نملك العزم والقدرة على بناء مستقبل مشرق لكليتنا في عصر العلوم الرقمية، إن شاء الله.
سنة أكاديمية موفقة للجميع. 

الأستاذ الدكتور نوار ثابت، عميد كلية العلوم
جامعة الشارقة