ينعقد المؤتمر الدولي الأول للغة العربيّة في جامعة الشارقة، ضمن سلسلة المؤتمرات التي تنهض بها الجامعة في إطار تحقيق أهدافها في الانفتاح على كلّ ما هو جديد في مجال البحث العلميّ في مختلف المجالات، وتعزيز التواصل مع المؤسسات البحثيّة والأكاديميّة في الجامعات العالميّة والإقليميّة والوطنيّة، والإفادة من جهود العلماء وبحوثهم ونظرياتهم في أرجاء المعمورة ، وتفعيل فلسفة الجامعة في التميّز ومواكبة التطورات، وتحقيق أهدافها في إطلاع طلبتها وباحثيها على تجارب العالم ونتاجهم الفكري في كلّ المجالات، وترسيخ نهج الشراكات مع المؤسسات في المجالات البحثية والأكاديمية.
ويأتي هذا المؤتمر بعد أن اجتاز العالم أسوأ جائحة عصفت به في العصر الحديث، وفي زمن يشهد فيه العالم تحولات جذرية في المناهج والأساليب وطرائق التفكير والتعايش مع متطلبات العصر، وما اللغة العربية بمنأى عن هذا التجديد؛ فالتداخل بين العلوم سمة العصر، والتحولات الرقمية متسارعة، وتطغى على العالم لغة الذكاء الاصطناعي، وشهدت العلاقة بين اللغة والأدب والدراسات الحديثة انقساماً في المجتمعين الغربي والشرقي بشكل عام، منذ بداية القرن العشرين بصورة موجزة من حيث التاريخ، إلى نظريات الحداثة ونظريات ما بعد الحداثة، ومن ناحية الجغرافيا اللغوّية إلى عربيّة وغير عربيّة، وبرزت مظاهر لتعالق الأدب واللغة في تحليل الخطاب وعلم لغة النص والتداولية والحجاج، وبرز الذكاء الاصطناعي أداة حيوية في مختلف المجالات، وأصبحت التقنيات ضرورة ووسيلة للبقاء والاستدامة، وثمّة صراع وتنافس لا يمكن تجاهلمها على صعيد انتشار اللغات وتمددها، وأصبح التكامل بين العلوم ضرورة علمية في المنهج والوسائل، ولعلّ استشراف المستقبل في ظل العولمة وما بعد العولمة، وفي عالم رقمي متسارع التغيرات يفرض علينا النظر إلى المستقبل بمنهجية مؤسسيّة تتكامل فيها الجهود لمواكبة التغيرات، وتحقيق متطلبات الاستدامة، مع بذل جهود استثنائية للحفاظ على العربية، وترسيخ استعمالها وتطوير أدوات تعليمها وإكسابها للآخرين لغة ثانية.
في ظروف متشعبة الامتداد بين التراث والمعاصرة واستشراف المستقبل، وضرورة مواكبة المتغيرات المتسارعة بأسلوب علمي منهجي عالي المسؤولية يأتي انعقاد هذا المؤتمر، وتتجلّى أهميته في ملامسة قضية جوهرية للغتنا وتطوير أدوات تعلمها وتعليمها، لها صلة وثيقة بهويتنا وحضارتنا وديننا ومستقبلنا. فما هذا المؤتمر إلاّ حلقة في سلسلة الجهود الرامية إلى الابتكار والتجديد والإبداع، في إطار من الثوابت التي تحافظ على اللغة، وتسعى إلى حمايتها ممّا يهدّد وجودها.